الاثنين، 30 سبتمبر 2013

المقاصد النورانية في القرآن الكريم

"سورة المائدة"



اليوم السادس :النداء الثاني : ( لا تُحِلُّواْ شَعَائِرَ الله )


]يَـأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ لاَ تُحِلُّواْ شَعَائِرَ ٱلله...[ (2).
يا مؤمنين، لا تغيِّروا معالم دين الله تعالى من أوامر ونواهي.
]... وَلاَ ٱلشَّهْرَ ٱلْحَرَامَ وَلاَ ٱلْهَدْىَ وَلاَ ٱلْقَلَـٰئِدَ وَلا ءامّينَ ٱلْبَيْتَ ٱلْحَرَامَ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مّن رَّبّهِمْ وَرِضْوٰناً وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَٱصْطَـٰدُواْ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَانُ قَوْمٍ أَن صَدُّوكُمْ عَنِ ٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ أَن تَعْتَدُواْ وَتَعَاوَنُواْ عَلَى ٱلْبرِ وَٱلتَّقْوَىٰ وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى ٱلإِثْمِ وَٱلْعُدْوَانِ...[ (2).
فالآية الأولى: أقرّت ضروريات الحياة (الطعام)، ثمّ الآية الثانية: بدأت بتقرير مبادئ إنسانية عظيمة:
- العدل (تأكيداً على هدف سورة النساء بإقرار العدل) ]وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ... أَن تَعْتَدُواْ[.
- التعاون (تأكيداً على إحدى رسائل سورة آل عمران (الوحدة وعدم الاختلاف) ]وَتَعَاوَنُواْ عَلَى ٱلْبرِ وَٱلتَّقْوَىٰ وَلاََعاوَنُواْ عَلَى ٱلإِثْمِ وَٱلْعُدْوَانِ[.
وهذه الآية تشمل آلاف الصور من العلاقات الاجتماعية التي تندرج تحت البر والتقوى والتعاون.
- التقوى ]وَٱتَّقُواْ ٱلله إِنَّ ٱلله شَدِيدُ آلْعِقَابِ[.
(لتذكرنا بأن هذا الكتاب ]هُدًى لّلْمُتَّقِينَ[ كما جاء في أول سورة البقرة).
وبعد ذلك في الآية الثالثة: ]حُرّمَتْ عَلَيْكُمُ ٱلْمَيْتَةُ وَٱلْدَّمُ...[.
فأول عقد ينبغي الوفاء به هو طيبات الطعام فلا يجوز أن يأكل المرء أكلاً فيه خبث...
وبعدها في الآية الخامسة: ]ٱلْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ ٱلطَّيّبَـٰتُ وَطَعَامُ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَـٰبَ حِلٌّ لَّكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَّهُمْ وَٱلْمُحْصَنَـٰتُ مِنَ ٱلْمُؤْمِنَـٰتِ وَٱلْمُحْصَنَـٰتُ مِنَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَـٰبَ[.
وهنا قد أرشدت الآية إلى حلالين : الطيبات من الطعام والطيبات من النساء سواء كنّ مؤمنات أم من أهل الكتاب بشرط أن يكنّ محصنات وذوات خلق متين. وفي هذا لفتة رائعة إلى تسامح الإسلام مع أهل الكتاب، في نفس السورة ذات اللهجة الشديدة في الخطاب معهم ونقض عقائدهم. فالله تعالى أحل لنا النساء العفيفات سواء كنّ مسلمات أو من أهل الكتاب.
وفي نفس الآية يأتي قوله تعالى: ]ٱلْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِى وَرَضِيتُ لَكُمُ ٱلإسْلاَمَ دِيناً[. هذه الآية محورية كونها ختام الأحكام في القرءان وعلاقتها مع موضوع السورة أنه لا وجود للعهود إلا بعد الإتمام. فبما أن الدين اكتمل، عاهد الله تعالى أيها المؤمن على الإيفاء بعهده والالتزام بشرعه. يا ترى هل أحسسنا يوماً بهذه النعمة، نعمة إتمام الدين وشكرنا الله تعالى عليها؟
جاء رجل من اليهود إلى سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال: "يا أمير المؤمنين، إنكم تقرأون آية في كتابكم لو نزلت علينا معشر اليهود لاتخذنا ذلك اليوم عيداً". فقال عمر: "وأي آية؟" فقرأ اليهودي هذه الآية، فقال عمر: "قد علمت اليوم الذي أنزلت والمكان الذي أنزلت فيه، نزلت في يوم الجمعة ويوم عرفة وكلاهما بحمد الله تعالى لنا عيد".
وهنا ملاحظة لطيفة أخرى:
إن أكثر آيات السورة اختتمت بشدة وخاصة آيات المقدمة ]إِنَّ ٱلله شَدِيدُ ٱلْعِقَابِ[]إِنَّ ٱلله سَرِيعُ ٱلْحِسَابِ[.
إلاّ الآية الثالثة التي ذكرت حكم الاضطرار ]فَمَنِ ٱضْطُرَّ فِى مَخْمَصَةٍ...[ فقد اختتمت بسعة رحمة الله تعالى ]فَإِنَّ ٱلله غَفُورٌ رَّحِيمٌ[.



 غداً: تعرف على طيبات الروح

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق